كلمة الراعي
الإخوة والأبناء الأحباء،
رتبت الكنيسة أن يعيّد في هذا الأحد لآباء نيقية مؤكدة لنا أنه ليس بأحدٍ غيره الخلاص، أي بغير ربنا يسوع المسيح.
لقد قام آباء نيقية بضحد بدعة آريوس الليبي الذي تجرأ على الرب، وقال عنه فيما يخص طبيعته الإلهيّة؛ أنه غير مساوٍ للآب في الجوهر، وليس من ذات الجوهر، لقد تبع في ذلك أصحاب القوى أي المسمون (الديناميكيون) الذين قالوا بتراتبية بين الآب والإبن والروح القدس، وأن هناك أزمنة فارقة بين وجود كل من أقانيم الثالوث الأقدس.
ولما أعلن آريوس قوله، إجتمع الآباء من كل حدب وصوب ليعلنوا رأي الكنيسة مما تناقلته بالكتب ومشافهة أن يسوع المسيح هو “رب لمجد الله الآب”، “ولم يعتد مساواته لله الآب إختلاساً”. وأن في قول آريوس كفراً وشركاً. فإذا كان يسوع المسيح كلمة الله فكيف يمر زمنٌ لا يكون مع الآب، أوليست الكلمة غير الشخص صاحبها ولكنها أليست من مكوناته (إذا جاز مفهوم التكوين على الله).
ولكي لا يكون هناك شرك، ولكي يجنب الآباء المؤمنين الوقوع فيه بادروا الى صياغة دستور الإيمان، والذي جاء فيه عن ربنا يسوع المسيح أنَّه من ذات الجوهر وليس (مساوٍ للآب في الجوهر) فعبارة مساوٍ للآب في الجوهر قال بها أصحاب المساوات (أمويسياني) الذين عن تدبير ورعاية قبلهم الآباء باسيليوس وأثناسيوس في مصاف آباء المجمع.
أيها الإخوة والأبناء الأحباء،
بمنطق بسيط نتوصل الى صحة ما دافعت عنه الكنيسة عبر عصورها. فهل كان الله الآب بدون كلمة (لوغوس) في وقت من
الأوقات. هل كان بلا روح في زمن من الأزمنة. هل سيكون بلا كلمة في أي وقت، أم بلا روح في أي يوم من الأيام، بهذه التساؤلات البسيطة نفهم كيف أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب، ولكي لا يكون في قولنا شرك أي تعدد آلهة نقول عنه أن طبيعته الإلهية هي ذاتها طبيعة الآب، وطبيعة الروح القدس. فلو كان عندنا ثلاث طبائع لكنا نقول بوجود ثلاث آلهة.
وتورد الكنيسة من أعمال الرسل موعظة الرسول بولص لقسوس الكنيسة الذين في أفسس، وأكد فيها أن كل شيء مشترك بين أقانيم الثالوث الأقدس (…ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله”.
نحن نعرف بترتيب الأحداث أن الكنيسة هي كنيسة يسوع المسيح، ولكن أليس هو القائل: “كل ما للآب فهو لي”، إذاً الروح القدس يقيم الأساقفة في كنيسة الله التي أنشأها ربنا يسوع المسيح.
ولكن في هذا التعبير “كنيسة الله التي اقتناها بدمه الكريم” دلالة على أن يسوع المسيح له المجد هو الله، وإلا فما معنى كنيسة الله التي اقتناها بدمه الكريم.
ويسعى شهود يهوه ليضيفوا عليها كلمة (يسوع المسيح) لتصبح كنيسة الله التي اقتناها يسوع المسيح بدمه الكريم. وهذا شأن المبتدعين أنهم يحورون ويحذفون من الكتاب ما يظنون أنه يلائم كلامهم.
إذاً أيها الإخوة، والآباء الأحباء،
أتوجه إليكم في هذه الأيام العصيبة التي تمر على بلادنا أن تنتبهوا من الذين يستغلون الضيقة ليتلاعبوا بإيمانكم الذي رَوّاه آباؤكم وأجدادكم بدمائهم، وعلى الأقل بجهادهم وصبرهم وثباتهم في المحافظة عليه. لأننا بالفعل نحن كنيسة الله التي اقتناها بدمه الكريم. مقرّين أن يسوع المسيح هو إله الآلهة، ورب الأرباب، وهو الذي كان والكائن والأزلي. ونعمته لتشملكم لكي تكونوا بالفعل آباء بالجسد والروح، تقودون عائلاتكم ومجتمعكم بقداسة الذي اقتناكم بدمه الكريم، وبغيره لا يوجد خلاص.
باسيليوس
مطران عكار وتوابعها