آخر الأخبار
الرئيسية 5 كلمة الراعي 2017 5 كلمة الراعي – العدد 34

كلمة الراعي – العدد 34

كلمة الراعي

الإخوة والأبناء الأحباء،

بمناسبة الخامس عشر من شهر آب أتقدَّم في عيد إنتقال السيِّدة العذراء بأسمى آيات المعايدة من كلِّ إنسان يكرِّمها أو يحتفل بهذا العيد البهيج بأي شكل من الأشكال. المعيِّدون جميعاً عن وعي أو غير وعي يدركون شيئاً أنهم يتشاركون المعايدة ويكسرون رتابة حياتهم ولو ليوم واحد تحت تأثير محبتهم للتي صارت أمنا جميعاً.

وكثيرون في بلادنا وفي العالم يتأمّلون حياة من استحقت أن تصبح والدة للإله إذ ولدت الإله والإنسان معاً. وإذ نقول هذا لا يعني أن طبيعة المسيح الإلهية هي منها بل نؤكد أن ربنا يسوع المسيح هو ذاته إله وإنسان منذ لحظة الحبل به من الروح القدس كما قال متى الإنجيلي في كلام الملاك مع يوسف الخطيب “لا تخف أن تأخذ إمرأتك مريم لأنَّ المولود فيها إنما هو من الروح القدس…)

يحدثنا الإنجيل عنها قليلاً ولا يظهرها في سياق كلامه عن الرب وعمله في مراحل هامّة من عمله البشاري. يظهرها في إعلان السر الذي قبل الدهور كقابلة لتنفيذ الأمر الإلهي “ها أنذا أمة للرب”.

يظهرها مربيّة ليسوع تهتمُّ به وبعلاقته مع الله. إذ تأخذه الى الهيكل كل عام وكانت قد أتمت كل مقتضيات الشريعة عند ولادة الأولاد. هربت به الى مصر وتحملت عناء الغربة والفقر وقد يكون الحرمان. والتقته بالهيكل بعد أن عانت ما عانته من البحث عنه عندما كان في عمر الثانية عشرة. نجدها تخاف عليه من شرِّ اليهود وتريد أن تعيده الى البيت بعد أن أعلن بشارته. وخرج بين الناس يحدثهم عن الخلاص ومحبة الله. ونجدها عند أقدام المخلِّص على الجلجلة تحت

الصليب تكابد آلاماً فظيعة بسبب ما حلَّ بابنها في ذلك الوقت. وكما يقول الآباء كانت أول من ذاقت فرح القيامة.

وهنا يتساءل الكثيرون لماذا لم يذكر الإنجيليون ذلك. السبب كي لا يتخذها اليهود حجة ويقولوا أنَّ ذلك من أضغاث أحلام الوالدة. تركوا الحديث عن القيامة للآخرين حتى للجنود لكي يكون شهود الخبر أكثر إقناعاً بما لا يقبل الشك.

شاركت في البشارة مع الرسل في أورشليم وخارج أورشليم، في آسيا الصغرى، وكانت حجة إقناع للفلاسفة ومرجعاً أهم من مراجع لوقا الإنجيلي في تدوينه عن حياة المسيح وأحداث مرحلة الطفولة.

كان ظهورها في قانا الجليل بارزاً لقد أخرجت الناس من الحرج وأمرت الخدام أن يسمعوا كلمة المسيح “مهما قال لكم فافعلوه”، وقد سمع المسيح لها بعد أن لقبها بالمرأة ونحن نعلم كلام سليمان الحكيم عن المرأة الفاضلة التي تهتم بكل الناس بالبيت وبالفقير والجوعان والمعتاز والعريان.

يعلمنا هذا العيد أن أفضل الأفراح التي نقيمها بهذه المناسبة هي فرح روحي نعيشه في الكنيسة والمناولة، وفرح الأعمال الصالحة الذي ندخله الى قلوب الناس الذين سيمجدون أبانا الذي في السماوات. طائعين وسامعين للرسول بولس أن لا تكون أعيادنا بالسكر والقصوف والخلاعة.

فيا من هي مثال الطاعة كوني لنا واسطة عند ابنك والهك ومخلصك يسوع المسيح لكي يرسل علينا نعم الروح القدس فيهدئ آلامنا المتنوعة ويزيل أسقام نفوسنا ويقوي ضعفنا فنسير على دربكِ لعلَّ السماء تصبح لنا مسكناً وملاذاً.

باسيليوس

                     مطران عكار وتوابعها